البيضة ولا الفرخة
- Mohammed Abdelaziz
- Nov 5, 2016
- 3 min read

العيب في مين؟ ... العيب في الحكومة ولا في الشعب؟
البعض يرى أن الحكومة هي المسئولة عن أحوال الوطن، وبالتالي فتحسن الأحوال أو تدهورها هو مسئولية الحكومة. فيحسب لها النجاح أو يحسب عليها الفشل... والإصلاح يجب أن يبدأ من الحكومة.
البعض الأخر ينادي أن الشعب هو الأساس، فالحكومة تحتاج أن يكون الشعب متفانيا في العمل وأن يكون شعبا محترما للنظام والقانون وأن يكون حريصا على النهوض بالوطن... وبما أن الحكومة تأتي من الشعب، فالشعب الصالح يأتي بحكومة صالحة.
السؤال الآن ... ماذا يحدث إذا وجدت بلدا يفتقد لكليهما؟ فمن أين نبدأ؟ ... الحكومة أم الشعب
إذا سألتني عن رأيي فأنا مع الرأي الأول ... بالطبع نحتاج إلى حكومة وشعب كلاهما متميز، ولكنك إذا أردت نقطة البداية الحقيقية، فالبداية دائما تبدأ من الأعلى... فالحكومة الرشيدة يستتبعها بالتدريج شعب رشيد... والعكس صحيح أيضا.
السؤال الآن ... كيف تقود الحكومة الرشيدة شعبا رشيدا؟
الحكومة الرشيدة
إذا احتاج الوطن الى بعض من التقشف فالحكومة الرشيدة لا تكتفي بدعوة الشعب الى ذلك، بل تبادر هي وتبدأ بنفسها. فالشعب سوف يصدق الحكومة عندما يرى المسئول يتحرك بسيارة عادية رخيصة وبحراسة محدودة، ويسافر على متن الخطوط الوطنية ويحجز مقعدا بالدرجة الاقتصادية وينزل هناك في فنادق الثلاثة نجوم وفي غرفة مفردة.
وإذا احتاج الوطن إلى أن يكون المواطن ملتزما بالقانون فالحكومة الرشيدة تبدأ بنفسها، فالشعب سوف يلتزم بالقانون عندما يرى سيارات الحكومة وسيارات الشرطة وسيارات المسئولين تلتزم بقانون المرور، وسوف يلتزم الشعب بالقانون عندما يذهب الناس الى مصلحة حكومية فيجد الجميع سواسية ويحصلون على نفس جودة الخدمة، ولا يجد فلانا يحصل على خدمة سريعة متميزة فقط لأنه يعرف أحد المسؤولين... سيلتزم الشعب بالقانون عندما يرى الحكومة تفعل ذلك.
وإذا احتاجت الحكومة الى أن يكون المواطن مهذبا ومنظما فالحكومة الرشيدة تبادر هي بتطبيق العدالة بحزم على الجميع، فيرى المواطن أنه إذا كسر أحدهم إشارة المرور أو سار عكس الاتجاه فسيتم عقابه فورا حتى لو كان ابن السيد الوزير أو زوجة السيد الضابط أو شقيق السيد المحافظ أو غيره...وقس على ذلك جميع المخالفات بداية من كسر الإشارة ومرورا بإلقاء المخلفات في الطريق وقضايا التحرش والسرقة والفساد وغير ذلك... والحكومة الرشيدة لا تجعل من القانون مجرد عصا في يديها تعاقب بها من تشاء أو تحجبها عن من تشاء تبعا لأهواء السيد المسئول.
وإذا أرادت الحكومة أن تنال احترام الشعب فالحكومة الرشيدة تبادر هي فتبدأ باحترام إرادة الشعب، فتترك للشعب اختيار من يمثله بحرية دون أن تتحكم هي في ذلك الاختيار وتمارس الألاعيب كي تطمئن أن من يجلس في البرلمان هو من ترضى عنه الحكومة.
وإذا أرادت الحكومة أن يكون الشعب شديد الولاء للوطن فعليها أن تبدأ بنفسها وتفعل ذلك، فالشعب سيزداد ولاءا للوطن عندما يرى أن من يتولى المسئولية في الحكومة هو القوي الأمين الذي يملك الكفاءة وكذلك الحرص على المصلحة العامة، فيكون ولاء المسئول للوطن لا أن ينول رضا الرئيس.
وإذا أرادت الحكومة أيضا أن يكون ولاء الشعب للوطن فالحكومة الرشيدة تعمل على تكون الخدمات الأساسية محتاجة للجميع بنفس الجودة، فالمواطن العادي يحصل على نفس المستوى من الخدمة الصحية تماما مثل السيد المسئول، ونفس الجودة في التعليم الأساسي لأبنائه تماما كأبناء السيد المسئول.
وإذا أرادت الحكومة أن يحافظ الشعب على المرافق العامة، فالحكومة الرشيدة تبادر بنفسها وتحافظ هي على المرافق العامة، فالطريق الذي تنفذه الحكومة يجب أن يتم على مستوى الجودة المطلوب، لا أن يتم إصلاحه كل عدة أشهر لأن التنفيذ كان سيئا، والمواصلات العامة يجب أن تحافظ الحكومة على صيانتها الدورية حتى لا يرى المواطن أن الأتوبيس الحكومي دائم العطل في الطريق لانعدام الصيانة... فإذا حافظت الحكومة على المرافق فسيتبعها الشعب على نفس المنهج.
.......
الخلاصة أن العدالة وحسن الإدارة يصنعان وطنا ناجحا، وإذا غاب أحدهما أو غابا معا فليس من الانصاف أن تحمل الشعب مسئولية تدهور الحال.
كوريا وسنغافورة
ربما من المفيد هنا ان نذكر المثالين الشهيرين لكوريا وسنغافورة.
كانت كوريا دولة موحدة الى أن انقسمت بعد الحرب العالمية، فتولى الأمر في كل منهما حكومة مختلفة ... فكانت النتيجة أنه وفي خلال سنوات قصيرة تحسنت الأحوال وتضاعف دخل الفرد في كوريا الجنوبية مرات عديدة، بينما لم يحدث في كوريا الشمالية ... ومع ملاحظة أن الكوريتان لهما شعب واحد فمع ثبات الشعب وتغير الحكومة اختلفت النتيجة بين الكوريتين
سنغافورة كذلك عند استقلالها في الستينات كانت تعاني من الفقر والفوضى والبطالة وتدهور أحوال المعيشة بشكل عام، ولكن الحكومة قامت بوضع قوانين قوية ثم قامت بتحقيق العدالة وتطبيق القوانين الصارمة على الجميع مهما كانت درجته أو منصبه. وفي سنوات قليلة تحسنت الأوضاع تدريجيا حتى صارت سنغافورة من أقوى الاقتصاديات في العالم.
هكذا دائما تأتي البداية الحقيقية من الأعلى، والحكومة الرشيدة يتبعها دائما شعب رشيد، فقط تحتاج إلى العدالة وحسن الإدارة لبناء وطن ناجح.
Comentários