موسم جمع الأموال
- Mohammed Abdelaziz
- Jun 10, 2016
- 3 min read

رمضان وصل ... كل سنة وأنتم طيبين ... بما أن رمضان شهر الخير فالكثير يستغلون ذلك في جمع أكبر قدر ممكن من المال ... إذا جلست أمام التليفزيون لدقائق معدودات فستجد سيلا من الإعلانات التي تضغط وتلح وتزن عليك كي تتبرع بالمال، وتتنوع الأساليب بين الضغط الديني والالحاح الإنساني أو حتى الابتزاز المعنوي (موسم بقى وكل سنة وانت طيب) ... وحتى طرق التبرع جعلوها أكثر سهولة، لدرجة أنه يمكنك التبرع عن طريق رسائل المحمول دون أن تتحرك من مكانك. أو فقط مكالمة تليفون ويأتي المندوب الى باب البيت.
وتتفاوت الأرقام، لكن التقديرات عن حجم الأموال التي يتبرع بها المصريون هي بمليارات عديدة من الجنيهات سنويا.
نظريا: المفترض أن تلك الأموال تذهب الى مؤسسات وجمعيات تندرج تحت مسمى "المجتمع المدني"، وتتنوع اهتمامات تلك المؤسسات بين الأعمال الخيرية أو الاجتماعية أو الصحية أو البيئية أو التعليمية أو اهتمامات مجتمعية أخرى. وتتوزع على مئات (وربما ألاف) من المؤسسات في أنحاء مصر المختلفة... والمفترض أن تلك الجهات تمثل الضلع الثالث في مثلث
تنمية المجتمع بجوار القطاع الحكومي والقطاع الخاص.
عمليا: فحتى مع افتراض حسن النية في الجميع فهناك حالة من الفوضى في هذا المجال، وهناك عدة ملاحظات على أداء تلك الجهات
الملاحظة الأولى
الملاحظة الأكثر أهمية هي أن الجمعيات تبدو وكأنها تتنافس ... ويبدو المشهد وكأن كل جمعية ترغب في نصيب أكبر من كعكة التبرعات، وكل جمعية تعمل بشكل منفرد ومنفصل عن الآخرين ... ورغم وحدة الهدف فهناك غياب أو ضعف شديد للتنسيق بين الجمعيات ذات الاهتمامات المشتركة، فعلى سبيل المثال هناك الجمعيات التي تهتم بالأسر تحت خط الفقر، ولكل جمعية خطة عمل مستقلة بذاتها، وكل جمعية تتنافس كي تحصل منك على المال... وبذلك فالنتيجة الحتمية والواقعية هي غياب العدالة في توزيع الخدمات بين أنحاء مصر المختلفة ... فبعض المناطق تعاني من غياب الرعاية، بينما في مناطق أخرى تجد نشاطا مركزا من عدة جمعيات في نفس المنطقة وربما تستفيد الأسرة الواحدة من عدة جمعيات في نفس الوقت.
ربما نحن في مصر بحاجة إلى تجهيز ما يمكن أن نطلق عليه خريطة مركزية لأولويات العمل التطوعي في مصر، نبنيها بجهود مشتركة ونحدد عليها الاحتياجات المتنوعة في كل منطقة، ومن ثم فكل جمعية تتولى مسئولية تلبية احتياجات معينة في مناطق معينة.
الملاحظة الثانية
هي ندرة المعلومات عن الأداء المادي لمعظم تلك الجمعيات، فالمواطن ليست لديه الوسيلة ليطمئن بها عن أين ذهبت تبرعاته... غاية ماهناك بعض الصور والأفلام الفيديو التي تم تصويرها خصيصا لتظهر في الإعلان كتعبير عن إنجازات الجمعية... والنتيجة أن كثير من المصريين يشعرون بالتردد قبل التبرع لتلك الجمعيات، فإذا كانت الجمعيات ترغب في زيادة حصيلة التبرعات فمن المنطقي أن تعلن للمجتمع بعض الأرقام عن حجم الأموال التي تلقتها الجمعية والمشروعات التي قامت بها وحجم الانفاق على كل من تلك المشروعات. باختصار عليها أن تقدم قدرا أكبر من الشفافية.
الملاحظة الثالثة
معظم الإعلانات (إن لم تكن جميعها) تطلب منك طلبا واحدا: اتبرع ... اتبرع ... فغرضهم هو أن تدفع أموالك لهم ولا شيء أخر... وفي المقابل فالقليل فقط من الجمعيات تشجع المواطنين على المشاركة بأنفسهم في العمل التطوعي عن طريق المساهمة ببعض الوقت والمجهود في أنشطة الجمعية... وهذا بالطبع أمر جيد، فتوسيع المشاركة في العمل التطوعي مفيد للمجتمع، وليست بالضرورة مشاركة مالية فقط. بل هو أمر إيجابي أن نفتح باب المشاركة للطبقات الغير قادرة على التبرع المادي، ومنحهم الشعور أنهم أيضا قادرين على العطاء لهذا المجتمع.
الملاحظة الرابعة
معظم الجمعيات تعتمد فقط على الأسلوب السهل لجمع المال وهي استقبال التبرعات (عالجاهز). الفكر الاستثماري غائب بصورة شبه كاملة. قليل ما تجد احدى الجمعيات تدير مشروعا استثماري كي تصرف العائد المادي على أنشطتها المختلفة وبالتالي تقليل الاعتماد على التبرعات. تماما مثل فكرة الوقف قديما عندما كان أحد الاثرياء يقيم مشروعا ويخصص عائده للصرف على مصارف محددة للخير يحددها هو، ودون الحاجة الى تبرعات.
Comments