أرض الأحلام
- Mohammed Abdelaziz
- Dec 25, 2015
- 3 min read

ترى كيف تبدو أرض الأحلام لديك؟ ...
كلنا نحلم ... وعندما نشعر بالملل من هذا العالم نهرب منه إلى عالم خيالي نبنيه نحن بحرية كيفما نريد كي نكون فيه سعداء ... البعض قد يحلم بنفسه ملكا ثريا يحكم المدينة ويملك جيشا قويا وقصرا كبيرا يمتلئ بالجواري والخدم والطعام ... أو قد تحلم بنفسها داخل غرفة واسعة مليئة بالأزياء والأحذية من الماركات العالمية، وطائرة خاصة تطوف بها أرجاء العالم ... لا حدود في الحلم.
في السطور التالية أحكي لك عن مملكة الأحلام التي في خيالي ...
مملكتي هي جزيرة في قلب البحر ... بيوتنا ليست بدائية ولكنها بسيطة، بيتنا من طابقين مع حديقة خلفية صغيرة، بيوتنا متجاورة ومتقاربة، أهل الجزيرة كعائلة كبيرة، الجميع يعرف الجميع، طرقات الجزيرة ضيقة إلى حد ما، ففي جزيرتنا لا توجد سيارات أو أي شيء أخر يسير بالوقود، أنا مثلا أتحرك في الجزيرة مستعينا بـ "زمردة" أو "أصيلة" ... زمردة هي فرس عربية بيضاء، أعتني بها في بيت الخيول بجوار منزلنا، أما "أصيلة" فهي دراجتي الهوائية الأصيلة.


اليوم على جزيرتنا يبدأ حين نستيقظ صباحا، لكن الجيد هنا أننا لا نملك أجهزة تنبيه، فقط نستيقظ حين نكتفي من النوم، وذلك لأننا هنا ليس لدينا تلك الشركات أو المؤسسات الرأسمالية البيروقراطية، وبالتالي ليس لدينا مواعيد العمل السخيفة تلك التي تبدأ من التاسعة وتستمر الى الخامسة أو يزيد. كلنا نعمل بحرية وفي الهواء الطلق وسط الطبيعة وبعيدا عن المكاتب أو الغرف المغلقة، لا يوجد لدينا هموم أو ضغوط للعمل ... البعض يزرع ويجمع ثمار التفاح والمانجو التي تنمو في وسط الجزيرة، البعض يصطاد أسماك التونة التي تمر قرب شواطئ الجزيرة ... الثمار والأسماك تمثل مصدر الطعام في جزيرتنا، ليس لدينا سلاسل مطاعم شهيرة، وليس لدينا تلك الأطعمة المصنعة والمعلبة أو المعبأة في أكياس مع موادها الحافظة، كل طعامنا هنا طازج وطبيعي تماما.
ولأن جزيرتنا جميلة ولأننا ودودون جدا فنحن نرحب بالضيوف الذين يزوروننا بين الحين والأخر. وهنا يأتي دوري، فأنا أستقبل ضيوف الجزيرة، أرافقهم خلال تجولهم بين طرقاتنا أو مزارعنا أو على شاطئ الجزيرة، أحدثهم عن جزيرتنا الجميلة وحياتنا البسيطة.

سبب عملي هذا هو أنني أحب الحكايات، وفي عملي هنا أقابل أناسا كثيرين، من ثقافات عديدة، أحكي معهم واسمع حكاياتهم، أقترب منهم، أتيقن أن العلاقات الإنسانية تسمو وتتجاوز حدود المكان واللغة والثقافة... سعيد أن لدي أصدقاء كثيرين حول العالم، إذا زرتني في الجزيرة فسأعرفك على بعض منهم.
في أوقات الفراغ الكثيرة أستمتع بالسباحة في البحر، وكذلك بالاستلقاء على الشاطئ تحت شجرة جوز الهند الكبيرة، حالة من الهدوء والسلام النفسي، أمسك ببعض الأوراق والألوان، أكتب عن جزيرتنا وعن الحكايات الشيقة لضيوف الجزيرة، أرسم السماء الزرقاء والبحر الصافي والأشجار الخضراء والثمار الملونة، لا أجيد الرسم ولكني أرسم المنظر أمامي على كل حال.
عندما ينتهي اليوم في جزيرتنا نستمتع جميعا برؤية الشمس التي تودعنا وهي تغوص في مياه البحر، نسمات الهواء الصافية وقت الغروب تبعث على الاسترخاء، في تلك الأثناء ترتدي فتيات الجزيرة أكاليل الورد التي يهديها لهن الفتيان تعبيرا عن مشاعرهم في تلك اللحظات السحرية.
عندما يظهر القمر نتجمع جميعا عند الشاطئ، حفلات السمر تمتد حول حلقات شواء الأسماك وأكواب عصائر الفاكهة الطازجة ... نحكي ونمرح حتى نشعر بالرغبة في النوم فننام.
هكذا تمر الحياة ببساطة ... بعض ضيوف الجزيرة يحكون أن لديهم ما يسمونه بالهواتف الذكية، ويقولون انها محملة بأدوات التواصل الاجتماعي ... ولكننا نخبرهم أننا هنا أكثر ذكاءً، فنحن نتواصل معا طول الوقت دون الحاجة إلى أدوات... نعمل في جزيرتنا وفي ذات الوقت نستمتع بالحياة ... نمرح، نحتفل، نتواصل معا.
تلك كانت رحلة سريعة في أرض الأحلام، مرحبا بك معنا.

Comentários