top of page

عملية مواجهة الحنفية المكسورة

  • Mohammed Abdelaziz
  • Aug 14, 2015
  • 3 min read

نسكن في بيت كبير متعدد الغرف ومكتظ بالسكان ... ولأنه كبير فهناك حكومة تدير شئون الحياة في هذا البيت.

حدث ذات يوم أن انكسرت احدى الحنفيات فتسربت المياه حتى ملأت الحوض، ولكننا تركناها دون إصلاح، فازدادت المياه حتى أغرقت الحمام ... اشتكي البعض ولكن لم يحدث شيء لأن وزارة المياه قالت أن الحنفية في نطاق اختصاص هيئة الحمامات بينما هيئة الحمامات أكدت أن الحنفية مسئولية وزارة المياه.

ازدادت المياه حتى أغرقت البيت، وعندها تنبه الجميع ... أعلنت الحكومة أنها عقدت اجتماعا عاجلا لبحث الأزمة... ثم تحدثت الحكومة الى الاعلام لطمأنه سكان البيت وأعلنت انها شكلت لجنة وزارية لبحث ومتابعة الأزمة... أعلنت اللجنة أنها شكلت فريق عمل لدراسة وتحليل أبعاد المشكلة ثم العمل على حلها تحت إشراف اللجنة الوزارية والمتابعة من الحكومة.

بدأ فريق العمل دراسة أبعاد المشكلة واستهل العمل بزيارات ميدانية إلى أنحاء البيت المختلفة وغرفه الكثيرة من أجل تفقد الأضرار وحصر الخسائر الناجمة عن المياه.

طوال عدة أيام كان الفريق يزور كل يوم غرفة بالبيت ليبحث ويفحص ويمحص ويفتش ويقيم الوضع ... وطوال تلك الأيام كانت المياه مستمرة في الزيادة واغراق مساحات واسعة من البيت بما فيه، ولذلك عبر الكثيرون عن عدم رضاهم عن أداء الحكومة، حتى أنه حدث ذات يوم أن صاح أحد سكان البيت أن الحكومة تتصرف بغرابة والأمر يحتاج فقط الى سباك يصلح الحنفية في ظرف ساعتين فقط من الزمن وبتكلفة مائة أو مئتين ورقة عملة.

ردد الكثيرون كلامه وأيدوه، فكان رد فعل الحكومة أن تحدث ممثلها بشكل غاضب وحكى عن المجهودات الجبارة التي تبذلها الحكومة وكيف أن فريق العمل يعملون ليل نهار لإنجاز الزيارات الميدانية، وكيف أن الحكومة تبدأ عملها في الصباح الباكر لمتابعة سير العمل، وبالتالي على سكان البيت تقدير تلك المجهودات ودعم الحكومة وعدم الالتفات الى تلك الأصوات الهدامة التي تعمل عل التقليل من مجهودات الحكومة الجبارة.

بعد عدة أيام أنهى الفريق عمله وقدم تقريرا عن الخسائر الى اللجنة الوزارية التي بدورها قدمت تقريرا أخر الى الحكومة، وعندها أعلنت الحكومة أنها اجتمعت وناقشت التقرير وبناء عليه فقد وضعت خطة عمل تتضمن حزمة إجراءات سيتم تنفيذها بشفافية مطلقة، وأكدت الحكومة أن تلك الإجراءات ستؤدي الى تحسين ظروف الحياة لسكان البيت.

في الأيام التالية قامت الحكومة بطرح عدة مناقصات تضمن عدة أعمال عزمت الحكومة على تنفيذها ضمن حزمة الإجراءات التي تضمنتها خطة العمل ... بعد عدة أيام أخرى تم إرساء المناقصات بنزاهة وشفافية حرصت عليها الحكومة، ثم بدأ العمل، حيث بدأت عمليات إحلال لآثاث ومفروشات البيت التي تلفت بالمياه خاصة السجاجيد والموبيليا الخشبية... وفي ذات الوقت بدأت عمليات إعادة طلاء حوائط البيت التي تأثرت أيضا من وجود المياه.

اعترض البعض على خطط الحكومة وقالوا أن أرض البيت مغمورة بالماء وبالتالي فالماء سيتلف السجاجيد الجديدة والأثاث الجديد والدهان الجديد... لكن الحكومة استنكرت تلك التصريحات واتهمت المعارضين أنهم لا يقدرون المجهودات الحكومية الضخمة التي تبذلها لتخفيف العبء عن سكان البيت. وأكملت الحكومة أنها مستمرة في حزمة الإجراءات الجديدة، حيث ستبني الحكومة معابر جديدة بين غرف البيت لتسهيل حركة المواطنين فوق الماء.

بدأ العمل في المعابر الجديدة لكنه توقف فجأة بسبب الخلاف بين وزراة الوثائق ووزارة المباني، لأن وزارة المباني طلبت الرسوم الهندسية للبيت من أجل تنفيذ المعابر ولكن وزارة الوثائق طلبت الحصول على مقابل مادي، ورفضت وزارة المباني أن تدفع لأنها تقوم بتنفيذ عمل عام وليس عمل خاص، ورفضت وزارة الوثائق تسليم الرسوم مجانا... وتوقف العمل حتى قررت وزارة المباني طرح مناقصة جديدة من أجل إعادة انتاج رسوم هندسية للبيت بدلا من تلك الموجودة عند وزارة الوثائق "ولا الحوجة ليهم".

مر عام كامل ... انتهت أعمال الفرش والطلاء وتم افتتاح المعابر في حفل بهيج حضره لفيف من أعضاء الحكومة ... أرض البيت مازالت تغمرها المياه نتيجة الحنفية المكسورة والسكان يتحركون بالمعابر ... الفرش الجديد والأثاث الجديد والدهان الجديد تلفوا جميعا من المياه وأعلنت الحكومة على خطة جديدة لإعادة إحلالهم بشكل دوري.

أما عن الميزانية فأعلنت الحكومة أن الخزانة تكلفت في عام كامل مبلغ عشرة ملايين ورقة عملة وذلك نظير حزمة الإجراءات الهادفة لتخفيف العبء عن كاهل السكان في مواجهة الأزمة ... ولأن الموارد محدودة فالحكومة سترفع الضرائب وسترفع أسعار الكهرباء ... وكذلك تهيب الحكومة بالمواطنين ترشيد الاستهلاك والتبرع بمدخراتهم للحكومة.

مر عام أخر ولكن طرأ أمر جديد حيث تبرع أحد سكان المدينة واحضر سباكا وأصلح الحنفية المكسورة على حسابه الخاص ... بعد ساعات قليلة جفت المياه ...عاد الناس للسير على أرض البيت وتركوا المعابر ... قامت الحكومة برفع الضرائب وطرح مناقصة جديدة لإزالة المعابر وصرفت مكافآت سخية لأعضاء الحكومة نتيجة مجهوداتهم الضخمة طوال عامين في مواجهة الأزمة.

 
 
 

Comments


Featured Posts
Recent Posts
Follow Us
  • Facebook Social Icon
  • Twitter Long Shadow
  • LinkedIn Social Icon

© 2015 Mohammed Abdelaziz. All Rights Reserved

 

bottom of page