نهارك سعيد

الغاية الأولى والأكبر والأعلى للإنسان هي السعادة ... بمجرد أن نأتي الى الدنيا صغارا نبدأ بفطرتنا تلقائيا نفتش عنها وتصبح حياتنا رحلة بحث دائم عن السعادة ... نشتري تلك اللعبة لأن اللعب بها سيجعلنا سعداء، ننتظر الصيف لأن الأجازة الكبيرة ستجعلنا سعداء، نحب الشكولاتة لأنها تمنحنا السعادة، نحب البيتزا والشاورمة والكفتة والملوخية والباستا والفطائر لأن التهام ذلك كله مبعث على السعادة، نجلس بعدها في شرفة المنزل نشرب الشاي ساعة العصاري لأنه يعدل المزاج ويمنحنا السعادة، نسهر مع الأصدقاء لأن الأوقات معهم تمنحنا السعادة، اليائسون الذين يلجأون للمخدرات يتعاطونها بحثا عن سعادة إجبارية، نشتري الموبايل الحديث لأن إمكانياته الكثيرة تمنحنا السعادة، المحبون يبحثون عن الارتباط بهم ظنا منهم أن القرب ممن يحبون يمنحهم السعادة، ينجبون الأطفال بحثا عن السعادة، يسعون بقوة بحثا عن المال حتى يشتروا كل ما سبق ليمنحهم السعادة، نتعبد وندعو الله أن يرزقنا الجنة حيث دار النعيم والسعادة.

ولكن في دنيانا هذه فمفعول جرعات السعادة هو مفعول مؤقت، فاللعبة نمل منها بعد أيام، والشكولاتة والشاورما يزول مفعولهما بعد قليل، والموبايل الحديث سرعان ما نعتاد عليه ونبحث عن الأحدث منه، ومن ارتبطوا اعتادوا على حياتهم الجديدة، والمال الذي أردنا الحصول عليه اكتشفنا أننا نحتاج أضعافه... وهكذا تستمر رحلة البحث عن السعادة، كلما حصلنا على جرعة منها اكتشفنا أننا نحتاج المزيد، ولكي نحصل على المزيد فنحن نتعب ونحمل الكثير من الهموم حتى نصل إلى ذاك المزيد، حتى أن بعضنا قد يحارب ويبني العداوات، فإذا وصلنا اكتشفنا أننا نحتاج المزيد والمزيد ... وتستمر الرحلة.

ولأن الجميع يبحثون عن السعادة فسبحان الذي جعل من إهداء السعادة عبادة، فابتسامتك للآخرين عبادة، وإزاحة الهم عن الآخرين عبادة، وجبر الخواطر عبادة ... وسبحان الذي جعل إهداء السعادة مصدرا لسعادتنا نحن، فأنت إذا أسعدت من حولك فإنك تلقائيا تشعر بالسعادة.

ولهذا فأكثر الناس سعادة هم صنفان من البشر ... هؤلاء القادرون على الرضا والشعور بالامتنان للقدر الذي يصلهم من السعادة، وهؤلاء القادرون على إهداء السعادة لمن حولهم.

وبما أننا على أعتاب يوم جديد وعام جديد، أتمنى للجميع يوما سعيدا وسنة سعيدة وحياة سعيدة.

#سعادة