ميلاد دولة
- Mohammed Abdelaziz
- Oct 14, 2015
- 2 min read
قبل حقبة من الزمن، حدث أن انتقل رجل من مدينة إلى مدينة أخرى وعنده رؤية لبناء دولة جديدة وقوية تبدأ من هناك... لم يكن رجلا عاديا، بل كان رجلا يوحى إليه وعلى اتصال مباشر مع السماء ... ولأنه كذلك فقد كان يعلم أن الله قد خلق الدنيا وخلق لها قوانينها التي تسري على جميع البشر، فجعل للنجاح أسبابا من سلكها نجح، مؤمنا كان أو كافرا.
ولهذا فعندما وصل الرجل الى المدينة الجديدة لم يعتمد فقط على اتصاله بالسماء، بل عمل واجتهد ... وضع الرجل استراتيجية بعيدة المدى عن الدولة الجديدة والمواطنين بها، كان العنوان العام لتلك الاستراتيجية عبارة جملة موجزة "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" ... وفي سبيل تحقيق تلك الاستراتيجية فقد وضع الرجل عدة قوانين للمدينة الجديدة لتكون بمثابة خطوات تفصيلية للوصول الى الرؤية الاستراتيجية العامة:
"الْمُؤمن من أمنه النّاس على أنفسهم وأمْوالهم"
وبالتالي فعلى كل ساكن في المدينة الجديدة مراعاة الآخرين، فلا يجوز لأحدهم أن يكسر بسيارته على من يسير بجواره، ولا يتخطى طابور التذاكر متعمدا تجاوز الجميع ليحصل على نصيبه أولا، ولا يتعرض بالسوء لفتيات المدينة ولا يكسر إشارة المرور معرضا الأخرين للخطر، ولا أن يؤذي الناس بلسان وفحش كلامه. ... باختصار لا يجوز له ايذاء الآخرين أو تجاوز حقوقهم.

"إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد"
انه العدل ... فالجميع متساوون أمام القانون، ولن يكون فلانا بمأمن من العقاب نظرا لمكانته أو لنسبه أو ثروته ... سنجعل الجميع يؤمنون أن تلك المدينة هي وطنهم جميعا ... وليست وطنا لفئة دون أخرى.
"العلم فريضة” ..."إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه"
لأن الدعوات والعبادات وحدها دون العلم والعمل لن تبني الدولة الجديدة
"أنتم أعلم بشئون دنياكم" فأنا وإن كنت رجلا يوحى إليه فسأترك لكم أن تجتهدوا في شئون الدنيا وتقرروا كيف تزرعون وتحصدون وتتداوون وتختارون نظامكم السياسي ... تجتهدون في الهندسة والعلوم والفلك والاقتصاد.

"إن الله جميل يحب الجمال"
وبالتالي فلا يجوز لساكن المدينة أن يلقي قمامته في الطريق، ولا أن يلقي مخلفات البناء في الأرض الفضاء بجوار بيته، ولا أن يقتلع الأشجار والحدائق ليبني بنايات قبيحة ... على الجميع ان يجتهد في تجميل المدينة.


كانت تلك بعض الأمثلة من القوانين التي وضعها الرجل ونجح بها في بناء دولة عظيمة وقوية يحترمها الجميع ... وبسبب نجاحه الباهر فقد درس الأخرون من دول أخرى قصة نجاحه وكيف بنى دولته، واقتبسوا من قوانينه فنجحوا كما نجح.
أما عن الدولة العظمة التي أقامها الرجل فقد تغير الحال بعدما تخلت الأجيال الجديدة عن تلك القوانين التي تركها لهم فضعفت الدولة وتفككت واكتفى مواطنوها باحتفالات روتينية في ذكرى بناء الدولة مصحوبة ببعض من قطع الحلوى.
ความคิดเห็น