top of page

الأرض الخضراء

  • Mohammed Abdelaziz
  • Jul 15, 2015
  • 2 min read

بعد يوم طويل ملئ بالتعب مشى كثيرا حتى وصل الى الحافة ... هنا تنتهي الأرض ... أمامه هوة سحيقة ثم بعدها تظهر هناك الأرض الخضراء التي يود الوصول اليها.

لقد سمع الكثير عن الأرض الخضراء ... تحكي الحكايات أنها أرض السعادة الدائمة، ففي الأرض الخضراء يتوقف الزمن وتتحقق الأحلام ويعيش الناس سعداء الى الأبد، يمرحون ويضحكون وسط المروج الخضراء والأنهار الصافية والبيوت المتلألئة... ولأنها أرض السعادة الدائمة فالناس هناك جميعهم أغنياء وأصحاء ولطفاء ... الكل سعداء دائما.

ولهذا كان دائما يحلم أن يعيش في الأرض الخضراء.

وها هي تبدو أمامه من بعيد، وعلى مرمى البصر تظهر بواباتها الكبيرة ... ولكنه لكي يصل الى هناك فعليه أن يعبر فوق تلك الهوة السحيقة، والمشكلة أنه لا توجد طائرات تحمل الناس الى هناك، ولا توجد كباري أو جسور، فقط خيط رفيع يربط بين الحافتين ... خيط رفيع مثل الشعرة يكاد لا يراه بالعين المجردة، يمتد فوق تلك الهوة السحيقة وذلك الخيط هو المعبر الوحيد الى الأرض الخضراء... وما يزيد المشكلة تعقيداً أن الهوة ليست فارغة وليست مملوءة بالماء، بل مملوءة بالحمم البركانية الملتهبة، ورغم عمق الهوة الكبير فإن الحرارة الشديدة تتصاعد منها حتى تكاد تصل الى ذلك الخيط الرفيع ... اذا سقط شخص ما في تلك الهوة فربما تصهره الحرارة أو يتبخر جسده في الهواء قبل حتى أن يصل الى الأسفل.

فكر للحظة أنه يظل مكانه ... بالتأكيد هو يريد أن يصل الى الأرض الخضراء، ولكن العبور الى هناك هو مجازفة شديدة الخطورة، بل هو أخطر ما مر به على الاطلاق... لكنه اكتشف أنه لا يملك رفاهية القرار، لقد فقد التحكم في جسده، وجسده يتحرك به بلا توقف، وهكذا ليس أمامه اختيار سوى أن يعبر على ذلك الخيط الرفيع فوق الهوة الملتهبة.

أمام تلك اللحظة الصعبة توقفت ذاكرته، لقد نسي كل الأوقات السعيدة التي مر بها ... وحتى اللحظات التعيسة أيضا ... كل شيء يتضاءل أمام تلك اللحظة التي ستقرر مصيره.

بحركة لا ارادية ودون تحكم منه تحرك جسده ووضعت قدمه فوق الخيط، صار لا يملك من الأمر شيئا سوى بعضا من الأمل أن يفيض عليه الرحمن بقبس من رحمته.

كان الخيط حادا جدا حتى أنه جرح قدمه وكاد يشطرها الى نصفين... ما ان تحركت قدمه الأخرى حتى اختل توازنه وشعر بجسده يسقط ... شعر بالفزع حتى أن شعره تساقط من رأسه، صرخ بشدة ... لكن شيئا ما حدث، شعر بقوة ما تجذبه وتعيد له توازنه فوق الخيط الرفيع ... وكأن يدا قد أمسكت بجسده تسنده وتمنعه من السقوط ... وقبل أن يستوعب الأمر وجد نفسه على الجانب الأخر!

نظر حوله في ذهول وتساءل إن كان حقا تمكن من العبور؟ ... هل وصل حقا الى الأرض الخضراء؟ ... هل سيعيش فعلا في أرض السعادة الدائمة دون خوف أو قلق أو حزن أو تعب؟!

قطع تفكيره شعور جديد ... شعر أن قدرته على التحكم في جسده تعود اليه من جديد ... كان أول ما فعله أن سجد شكرا.

سجد طويلا حتى جاءته نسمة من الهواء عطرة الرائحة ... رفع رأسه ... كانت أبواب الأرض الخضراء تفتح وتدعوه للدخول.

 
 
 

Comments


Featured Posts
Recent Posts
Follow Us
  • Facebook Social Icon
  • Twitter Long Shadow
  • LinkedIn Social Icon

© 2015 Mohammed Abdelaziz. All Rights Reserved

 

bottom of page