الحسناء التي صادفتني
- Mohammed Abdelaziz
- Jan 26, 2015
- 2 min read

في قلب تلك العاصمة الإفريقية الهادئة، وفي أحد فنادقها المميزة، حيث جميع العاملين بالفندق من ذوي الوجوه السمراء الطيبة، لم يكن مألوفا أن تجد بينهم هذه الحسناء الشقراء ذات الملامح الأوروبية الواضحة، لم تكن من ضمن السائحين الذين اعتاد الفندق استقبالهم، بل هي إحدى العاملين هناك ... وبدافع الفضول كان لابد لي أن أسأل، وأجابت هي "من أحبه يسكن هنا" ... هكذا ببساطة ... الحدوتة باختصار أنهما التقيا في إحدى الدول الأوروبية ثم قررا معا أن يعيشا في بلده الأفريقي. وهكذا تركت هي أوروبا بمغرياتها وأتت إلى قارتنا السمراء لتعيش مع من تحب، وبين أهل البلد البسطاء الذين تمتعون بالطيبة.
حدوتة بسيطة، وربما بساطتها هي أحد أسباب جذب الاهتمام ... بالنسبة لي تحمل تلك الحدوتة الصغيرة جوانب عديدة للتأمل.
تلك الصراعات والعصبيات والحدود هي من صنع الساسة، أما البشر أنفسهم فمتشابهون، ورغم اختلافاتهم الثقافية فهم قادرون على التواصل معا وبناء علاقات انسانية تتجاوز اختلاف اللغة ولون البشرة وجنسية الباسبور.
هذا الانسان قد يصنع سعادته في أي مكان، ليس شرطا أن نسعد في تلك المدن الغنية غربية الطراز والتي يسعى ملايين البشر للهجرة إليها وربما يموتون في سبيل ذلك، قد يصنع الانسان سعادته في مكان بسيط، فسعادة الانسان تنبع أساسا من تواجده في محيط من الناس الذين يحبهم ويحبونه، وجدت هي سعادتها في ذلك البلد الأفريقي حيث يسكن من تحب وحيث الناس حولها يتمتعون بالطيبة.
وبصفة عامة فسعادتنا هي شئ خاص بنا نحن، وبالتالي علينا أن نكسر تلك القوالب المجتمعية البالية التي تفرض على الفتاة أن تسعى دائما للارتباط بشخص ذي مواصفات محددة، أغلبها مواصفات ظاهرية فقط للتفاخر والمباهاة أمام الناس، وعملية الارتباط نفسها لابد أن تخضع لطقوس محددة، أيضا بهدف التفاخر والمباهاة ... تلك الفتاة كانت أذكى من هذا، فتمتعت باستقلالية القرار وبحثت عن سعادتها هي وليس عمن يملأ تلك القوالب الاجتماعية التقليدية.
أما الطموحون من الناس فربما يتعلمون أن إمكانات النجاح ليست فقط في الشمال حيث أوروبا وأرض الأحلام الأمريكية ... فدول الجنوب أيضا تحوي العديد من الفرص والكنوز التي قد تجعل منك ملكا إذا قررت أن تستثمر وتبني مشروعك هناك... ومما يدعو للسخرية أن العديد من رجال الأعمال الغربيين فطنوا إلى ذلك وغزوا أفريقيا واستعمروها للمرة الثانية ولكن تلك المرة بمشروعاتهم الاقتصادية المتنوعة.
هكذا ربما الحواديت البسيطة المتكررة قد تكون هي أعمق مما تبدو ... وربما للوهلة الأولى قد نحسد هذا الشاب المحظوظ الذي أحبته حسناء شقراء وتركت بلدها الأوروبي لتعيش بجواره، ولكنك اذا سمعتها فربما تحسدها هي أنها وجدت سعادتها وتحسدها أكثر على أنها امتلكت الشجاعة والجرأة لتقرر أن تعيش سعيدة بطريقتها هي.
Comments